Untitled Document
 
العودة   منتديات لغاتى التعليمية > ~¤¦¦§¦¦¤~منتديات اللغات~¤¦¦§¦¦¤~ > منتدى اللغة العربية > القسم الأدبى

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-25-2016, 08:20 PM   #1
قحطان الخطيب
لغاتى
 
تاريخ التسجيل: May 2016
الدولة: Iraq
المشاركات: 68
معدل تقييم المستوى: 8
قحطان الخطيب will become famous soon enough
افتراضي قصة قصيرة

(7) ألفيلسوفة التائهة
بقلم: قحطـان فؤاد الخطيب / العراق

" بات من المستحيل أن اصمت وفي فمي الدم ... وبات من المستحيل أن أعيش في النار ما دامت هناك الجنة . " هكذا راحت الآنسة الشابة جوليت تبعث بعباراتها المنسابة التي عجزت عن تدوينها بما احتوته من عمق في الفكرة ، وجمال في الأسلوب ، وخصوبة في الخيال . ثم وجدتني مندهشاً أمام هذا النوع من الحواء.

قالت بلهجة تمثيلية رائعة ..... " أنا اكره أبي وأمي ... أكرههما ، لأنهما تسببا في وجودي. " ثم استدركت قائلة: " أتدري لماذا اكرههما ؟"
عجبت من أمرها وأنا لم يمض على تعرفي عليها سوى أيام تعد بالأصابع ثم أردفت قائلة : " إن وجودي يعني ، بالنســبة لي الخطأ الكبير . " ثم راحت تبعث بتفسيراتها وتعليلاتها قائلة : " فأبي لم يقرر الحصول على أطفال: لا بنين ولا بنات . ولكن جئت صدفة . " ثم رفعت عينيها وهي تتأملني كأنني أريد أن انتزع منها الاعتراف . ومضت تقول : "إن أبي كان تحت الأمر الواقع .... بل قل كان يندب حظه حين عرف بأن أمي ستضع مولوداً . " ثم تساءلت بعصبية : " فلماذا تزوجها أذن ؟ ! " وتوقعت أن أعلل لها سؤالها ، ولكنها راحت تقول : " أتدري كم أثق فيك .... ؟ " ثم ابتسمت وقالت : " أجل، إنني أثق فيك ، ويتراءى لي بأنك خبير بالحياة" !

كانت فتاة خضراء العينين ، معتدلة القامة ، شعرها مفحم بالسواد ، رشيقة الحركة ، رقيقة الحديث . كانت تضحك ثم تسكت ، تسأل ثم تجيب نفسها . لقد سبق وعرفت بأنها في سنتها الجامعية الأخيرة . كانت ذكية ..... تتحدث في كل شيء بلباقة . وكانت تريدني أن افهم بأنها أحسن حواء !

قلت لها : " هل أنت فيلسوفة ؟ ! أجابتني كمن أحبت هذا السؤال كثيراً . ثم راحت ، بغرور، تعدد بأصابعها ذات الأظافر الطويلة الملونة بلون زهور الربيع ، أسماء الكتب والكتاب الذين قرأت لهم وتأثرت بهم . فذكرت المذاهب الأدبية والشخصيات الفكرية بلا حساب ثم قالت : " أحب الرمزية ... أحب اللامعقول ... أحب سارتر ... أحب الفن ... الأدب ... التمثيل ... آه ، أعشق التمثيل . وهنا لفظت عبارتها التالية التي أبعدتنا عن الطريق الذي كنا نسير فيه ، قائلة :
" لاشيء يعيد للخضرة نظرتها . غاب القمر الذي كان يتلألأ..............."
كنت ألاقي صعوبات شتى وانأ أدون أفكارها الغامضة . ثم واصلت تقول : " لتحرسك الشمس ، ولترعاك النجوم ."
لست أدري من كانت تعني ، وماذا كانت تريد أن تعني . قلت لها : " هل أنت تحت وطأة الحب؟" أجابت ببرود : "سؤال مألوف ... أبدا" "وهل فشلت في الحب ؟ " قالت " بكل تأكيد ... أبداً . " فقلت لها " وماذا تريدين بكلماتك هذه ؟!" قالت : " أما عن الحب فلا أؤمن به ... أعني أنه زيف ... وكذلك لا أؤمن بالإنسان.... . " ودفعني الفضول كي استطلع رأيها في لغتها هذه فإذا بها تقول : " أحب استعمال اللغة التي لا يفهمها الآخرون ، لأن وقعها طيب في نفسي . " قلت لها : وهل كل البنات هكذا ؟!" أجابت " كل ما اعرفه أن هناك فتيات سخيفات وعظيمات ، وضيعات ومخلصات ، عالميات ومحليات . " قلت لها متهكماً : " وهل لك أن تحدثيني عن العالميات والمحليات ! ؟ " قالت برباطة جأش : " إنني لا أحب التدخل في شؤون الأخريات إلا إذا جلبت لهن السعادة . إنني غير سعيدة لأنني لا اعرف ماذا أريد . " وهنا افترضت في نفسي طبيباً سيكولوجيا ، وتمنيت فرويد بقربي ليحل رموز هذا الطراز من الفتيات . و امتلكت عواطفي محاولاً وضعها في جو تستطيع خلاله الإفضاء بأفكارها لعلها تفسر هذه الطلاسم . ثم تحدثت بلهجة حزينة :
" أنا أؤمن بأن السعادة ليست في إدخال السرور إلى نفسي بل إلى القلوب التي تحتاجها . " ثم سألتها وماذا تقصدين بالذين يحتاجونها ؟ قالت " الرجال بالأخص ... وأنى ارثي لهم . إنهم يتغزلون بالفتاة ولكنها ألاعيب."
أحست بأن وقع الكلمات كان ثقيلاً علي ، فاستدركت تقول : " ليس كل الرجال ... فانا أعجب بالرجل المفكر ، والأديب ، والحزين ، والعميق ! أعجب بالرجل الذي يقيم أفكاري ، ويعجبني أن أدللـه ، وفي الوقت نفسه يعجبني أن أتسلى به وهو يتلوع ...... انه طفل كبير" !
لم تكن الفتاة مسلمة ، ولم تكن متدينة ، بل كانت تتباهى بأنها عصرية .... متحررة ، كانت ضائعة ... عابثة ... كانت لا تعرف ماذا تريد ... كانت تضحك ثم تحزن . كانت تشكو الفراغ ، وربما ساعد حبها للتمثيل وحياة النجوم على تغذية هذا الفراغ . لقد جمعتني بها ظروف شاذة لم أكن أتوقعها ... ولست ادري ماذا كانت تهدف وهي تبعث باعترافاتها بسخاء . ولم يكن يدر بخلدي أن تنطلق حواء فتحدثني عن قلبها ونفسها وعقلها بهذه الشفافية .
لقد عرفت بأن أفكارها سترى النور وستترجم إلى حروف وكلمات فإذا بها تقول:
" أحب أن أرى جوليت في المرآة ... ترى هل ستقبل المرآة ؟ " ثم أجابت نفسها وهي تهز رأسها ويديها الناعمتين :
" لابــــــد وأنهــــــــــا ســــــــتقبل في يـــــــــوم من الأيـــــــــــــــــــام !
بغداد 1969

قحطان الخطيب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:47 AM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
:: جميع الحقوق محفوظة لمنتديات لغاتى التعليمية ::